30 - 06 - 2024

عاصفة بوح| حادثة محطة مصر

عاصفة بوح| حادثة محطة مصر

هل هناك أى فائدة  من البكاء أو الاتهام أو حتى العتاب فى الكارثة المتكررة لحد الاهانة التى حدثت فى محطة مصر؟؟ هل يحدونا أى أمل فى أن يتغير شيىء فى تلك المنظومة الفاشلة التى تطبق على أنفاسنا فى مختلف المجالات، ونرى مردودها واضحا على حياة المصريين البائسة. هل يحدونا أى أمل فى تغيير طريقة اختيارنا للمسؤولين والقيادات، فى آلية محاسبتهم، فى توفير كل الإمكانيات لينجحوا فى الامتحان الصعب الذى ينتظرهم وهم خاليي الوفاض أو منتظرين للتوجيهات السيادية التى لانعرف عن مقاصدها شيء، بعدما تخلى مجلس الشعب عن دوره الرقابى.. أو مبررين عند الضرورة والحاجة لما يجب أن يبرر  كشرط لإثبات الولاء ومن ثم الاستمرار على كراسيهم.. فنحن لا نعرف ثقافة الاستقالات إلا فيما ندر، وبناء على الأوامر إن لم تات يظل المسؤول يخرج لنا لسان الفشل، مبتسما بالثقة التى يحظى بها ولا عزاء للمواطنين المطحونين والمحرومين! 

هل نتعلم من أخطائنا أبدا؟ أم أن  ذاكرة السمك تتحكم فينا مرغمين أحيانا ومتواطئين أحيانا أخرى.. هل عقولنا مفتوحة للمختلف عن السائد والمتعارف عليه فى معنى الوظيفة العامة ودورها ومسؤولياتها وحريتها واستقلالياتها الضرورية لإتمام المطلوب منها بعيدا عن أحلامك أوامر أو بناء على توجيهات معاليه أيا كان سواء رئيسه المباشر أو رئيس رئيسه.. هل نتقبله ونشجعه ام نخشاه ونتخوف منه، فلربما حاز على الاهتمام والرضا والنجاح المرجو فيصبح مهددا مثلا لرؤسائه في وظائفهم الهامة ولتذهب مصلحة الوزارة أو الدولة إلى الجحيم، وهو أمر يعرفه كل من اشتغل بالعمل العام، فيطاح بكل ذى موهبة منذ البداية.. ليظل المدير العام هو وحده الأمل و الرجاء ولا بديل له فى المستقبل البعيد!

هل قابلنا فى السنوات الثلاثين المباركية أى فكر رشيد يسود ويحترم ويوجهفكر مسؤولينا بعيدا عن إغواء الكرسى أو خوفا من الخروج عن الإجماع الوطنى فى مواجهتنا لتحديات المرحلة و كل مرحلة ومن ثم يدفع التمن الغالى من التخوين إياه!

كلها أسئلة حفرت لها مكانا فى غضبى وهو يحاول أن يتفهم ماحدث، وماهو حادث وما أتوقع حدوثه آجلا أم عاجلا.. فالتكرار لم يعلم الشطار ولم ينقذ أرواح المصريين من تلك الفواجع التى تحيط بهم بحرا وبرا وجوا!

إنها لعنة أسطورة سيزيف فى الموروث اليونانى القديم.. انها الصعود بصخرة الفشل إلى أعلى الجبل، ثم النزول بها، ثم الصعود مرة أخرى بنفس أسباب الفشل الملعونة رغم تغير الوجوه وبعض النية والإخلاص فى بعض الحالات.. إنها اللعنة الابدية فى تفضيل أهل الثقة على أهل الكفاءة بنتائجها الكارثية، ما لم يكسرها فكر متجدد وتغير نفتقده فى آلية الحكم!

 ومع ذلك نجد من يدافع عن الرأى الواحد والاتجاه الواحد، تحت شعار الاصطفاف الوطنى التى لا أرى له معنى سوى أنه نفاق مهين ممن لا يريد لمصر خيرا سوى مايحصل عليه من هذا النداء الفج الملعوب فى نيته ولا يهدف إلا لترويع  من يرى المصلحة من منظور مختلف   أو إرهاب من يحذر من اقتراب الخطر، فتكون نهايته عبرة لمن يتجرأ على الخروج عن الإجماع إياه!

نعم الغضب يتملكنى، حتى يجعلنى لا أصغى  لمن يحذر من مغبة الانسياق وراء الغضب العام من حادثة محطة مصر، والتصريح بما لا يجب ان يصرح به فى ظل ظروف وممارسات خرجت عن الطبيعى والمعقول فى التعامل مع المختلفين من نفس معسكر 30 يونيو ولن أقول حتى المعارضين، مما يدل  على المستوى الذى انحدرنا إليه فى جمهورية الخوف من أى شيء وكل شيء، مما فرض الصمت المهين الذى يحرم الدولة من مخلصيها ومن أصحاب الكفاءات، وكلنا ندرك تبعات ذلك على مستقبلنا جميعا حكاما ومحكومين. 

فلننتهز فرصة الكارثة ونعيد حساباتنا، لعلنا ننجح فى المرة القادمة فيما أخفقنا فيه اليوم، لعله جرس الاندار لندرك جميعا أنه جاء أوان أن نتكلم نحن وأن يستمعوا هم. آن أوان طلب المشورة من كل ذى رأى سديد، للخروج من عنق الزجاجة الذى كاد يخنقنا ويسلب أسباب الحياة الكريمة لغالبية المصريين وخاصة الشباب الذى شاخ قبل الأوان، بالبطالة واليأس والإحباط والظلم.

هل هناك أى بارقة أمل حقا؟ إذا كانت الإجابة نعم ... فأوانها الآن وليس غدا!
-------------------
بقلم: وفاء الشيشيني
من المشهد الأسبوعي


مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | حسابات دقيقة وحسابات قبيحة





اعلان